القدرة على تقديم الملاحظات والتعليقات وتلّقيها هو من أكثر الأمور أهمية للشركات، وأكثرها تجاهلاً من قِبَلهم أيضاً؛ حيث تبرُز أهمية القدرة على تقديم الملاحظات وتلّقيها في مساهمتها الكبيرة في نجاح صاحب العمل والموظف على حد سواء، وبذلك نجاح فريق العمل، والشركة ككل. وفي ظل غياب القدرة على تقديم الملاحظات وتلّقيها يُصبح من الصعب تحديد أداء كل من الموظفين، والفريق، والمشروع. وبينما يعد مصطلح الملاحظات مألوفاً للجميع، إلا أنه لا يتم تطبيقه بشكل صحيح دائماً.
ما مدى قدرتك على تقديم الملاحظات البّناءة؟ وكيف تُقيّم الملاحظات التي تتلقاها؟ ومهما بلغت صدق نيّتك عند تقديم الملاحظات أو صدق نيّة الشخص الذي يُقدم لك الملاحظات، ومدى شموليتها، ودقتها، من المهم أيضاً الأخذ في عين الاعتبار مدى فعالية هذه الملاحظات، ومدى تأثيرها على مُتلقيها. وفي حال لم تؤثر الملاحظات بفعالية على مُتلقيها كما هو مطلوب، تكون دون فائدة. ولكن لا تقع المسؤولية على الشخص الذي يُقدم الملاحظات وحده، بل يلعب المُتلّقي أيضاً دوراً هاماً في كيفية فهم الملاحظات التي يتلقاها وكيفية التعامل معها، وبالتالي يلعب الطرفان أدواراً متساوية في تحقيق الفعالية المطلوبة من هذه الملاحظات.
جميعنا نعتقد أننا نجيد مشاركة أفكارنا مع الأشخاص المحيطين بنا، ولكن هل سبق أن مررت بمواقف قمت خلالها بمشاركة الآخرين بنصيحة أو رأي ما وقام المُتلقون باتباع رأيك أو نصيحتك؟ وهل قاموا بإتباعها دون تردد أو تفكير في الموضوع؟ وهل تذكر آخر مرة تلّقيت فيها ملاحظات من أحدهم ولم تُعجبك كثيراً، كيف تعاملت مع الموقف؟ هل قمت برفضها؟ أم عملت على تحويل تلك الملاحظات السلبية إلى سلوك إيجابي؟
وبناءً على أجوبتك السابقة، عليك إعادة تقييم الطريقة التي تقدم فيها الملاحظات وتتلقاها. ولمساعدتك على ذلك، يقدم لك خبراء بيت.كوم، أكبر موقع للوظائف في الشرق الأوسط، مجموعة من النصائح لجعل عملية تقديم الملاحظات وتقديمها ذات مغزى وتأثير إيجابي أكبر.
استخدم أسلوب الحوار بدلاً من الخلاف
تذكر أن عملية تقديم الملاحظات وتلقيها لا تعني الخلاف بين الطرفين، ولا يوجد أي مشاكل لحلّها أو مفاوضات لإجرائها، أو مبارزة بين طرفين يوجد في نهايتها فائز وخاسر، بل على الطرفان التعامل بصدق وتقديم الملاحظات وتلقيها بنيّة صادقة لفهم وتقدير وجهة نظر الطرف الآخر. وفي حال كنت الطرف الذي يُقدّم الملاحظات وكنت تسعى لتغيير وجهة نطر الطرف الآخر أو فهم وجهة نظرك، عليك تقديم رأيك بنيّة صادقة، وتخيّل نفسك في مكان الشخص الآخر. والأمر لا يختلف في حال كنت الطرف المُتلّقي ولم تتقبل فكرة ما من الطرف الآخر، حيث يتعين عليك بذل مجهود لمحاولة فهم وتقييم وجهة نظر الشخص الآخر بدلاً من رفضها مباشرة.
طريقة تقديم الملاحظات الصحيحة
الفكرة مقابل التطبيق
قد تشعر برغبة في تبرير النقد أو الملاحظات التي تقدمها بعيوب أو أخطاء في شخصية الشخص الآخر، ولكن احذر من ارتكاب هذا الخطأ، لأنك ستنتقل من التصرف بمهنية إلى التصرف بطريقة غير ملائمة أبداً. تذكر أن طبيعة الشخص الآخر غير مهمة، ولا حتى معتقداتهم أو قيمهم، بل دورك ينحصر هنا في تقديم ملاحظات حول طريقة التصرُف والأداء فقط. لذا، عليك التركيز على أفعال وتصرفات الآخرين بدلاً من التركيز على شخصياتهم، وبذلك ستخلق حد فاصل بين النقاط التي تود حلها وشخصياتهم، وبذلك ستمكنهم من التركيز على ما تقوله بدلاً من الشعور بأنك تواجههم لشخصياتهم.
عليك كذلك التركيز على الأسباب التي تدفعك على تقديم الملاحظات للطرف الآخر، حتى لو كان ذلك في تقييم الأداء السنوي، عليك أن تسأل نفسك ما هو السبب الحقيقي الذي يدفعك لتقديم هذه الملاحظات. ففي حال كنت تقدم هذه الملاحظات لتُرضي طرفاً ثالثاً، فهذا ليس بسبب كافٍ. بدلاً من ذلك، عليك تقديم الملاحظات لتوجيه ومساعدة الطرف الآخر، والتعبير عن مدى قلقك أو تقديم الدعم، وعليك فعل ذلك بمسؤولية كبيرة. سيساعدك ذلك على ضمان صدق الملاحظات التي تقدمها، وبالمقابل سيكون تلّقي الطرف الآخر للملاحظات أسهل.
ابدأ بطرح الأسئلة
إن بدء المحادثة بطرح الأسئلة على المتلقي سيجعله يشعر بأن الموضوع حواري بدلاً من فقط انتقادي، وذلك سيجعل العملية سهلة وخالية من التوتر. وقبل البدء في تقديم تقييمك حول الشخص الآخر، اسألهم ما رأيهم بأدائهم، وافسح لهم المجال لتقييم أنفسهم أولاً ليشعروا بأنهم شركاء في عملية تقديم الملاحظات، وإعطائك وجهة نظر حول أنفسهم.
قدّم نقد بناء لا هادم
إحدى أبرز الطرق لتقديم الملاحظات هي طريقة النقد البنّاء، وتعني تخفيف حدة النقد الذي ستقدمه من خلال تقديم شكر أو تقدير للشخص الآخر قبل البدء في سرد المشاكل، ثم إنهاء كلامك بتقديم شكر أو تقدير آخر. وتذكر أن الطريقة الإيجابية في التعامل مع الموقف ستؤدي إلى استيعاب الطرف الآخر لنقاطك بشكل أفضل، وستكون النتيجة إيجابية أكثر. وفيما يلي طريقة تقديم النقد البناء الصحيحة:
- أولاً: ابدأ بتقديم بعض الملاحظات الإيجابية حول الموقف من خلال طرح الأسئلة
- ثانياً: قدم المديح للنقاط القوية التي ذكرها الطرف الآخر
- ثالثاً: قدم بعض الإطراءات
- رابعاً: تحدّث عن المشكلة وقدم نقدك
- خامساً: ذكّر الطرف الآخر بالنقاط القوية التي ذكرها
- سادساً: اشكر الطرف الآخر، وقدم دعمك للمجالات التي بحاجة لتحسين، وانهِ المحادثة بطريقة إيجابية
طريقة تلّقي الملاحظات الصحيحة
تدّرب على تلّقي الملاحظات دائماً
أفضل طريقة لتحضير نفسك لتلّقي الملاحظات أو النقد هي أن تطلبها بشكل واضح وصريح وبشكل دائم. وبدلاً من الشعور بأنك تتلّقى صفعة أو تتفاجأ بالمعلومات في وقت ما، اطلب الملاحظات والنقد بشكل دائم من أولئك الذين تثق بآرائهم وتحترمها. سيساعدك ذلك على التحضير جيداً وتجنب الشعور بالمفاجئة عند تلّقي كم هائل من المعلومات دون استعداد. يمكنك طرح أسئلة مثل "ما رأيك بأدائي؟" أو "برأيك، كيف يمكنني أداء جميع مهامي بطريقة فعالة؟" ثم يمكنك تحليل الاقتراحات والعمل على تحسين نقاط الضعف في أدائك وتصرفاتك.
فكّر قبل أن ترُد
بعد أن ينتهي الشخص من إعطائك الملاحظات التي في جعبته، عليك البدء في التفكير في الرد الذي ستقدمه. وفي حال اتبعت النصائح أعلاه، إذاً ستكون قد استمعت بشكل جيد للمحادثة، ولكن لا تقع في خطأ البدء في الدفاع عن نفسك وتقديم المبررات، ولكن عليك الصبر والاستماع بشكل دقيق، ثم طرح الأسئلة لفهم جميع النقاط، ثم تقديم ردك. وفي حال شعرت بأنك غاضب أو غير جاهز لتقديم رد لحظي، يمكنك طلب المزيد من الوقت للتفكير في المحادثة ثم الرد في وقت لاحق. فكر في النقاط التي تم ذكرها، واحرص على أن تعطي الشخص الآخر انطباعاً بأنك سمعت وفهمت جميع النقاط، وأنك تفهم وجهة نظرهم بشكل كامل لتتمكنوا من إكمال المحادثة لاحقاً.
تحلَّ بالمرونة
جميعنا قد مررنا بمواقف صعبة خلال تلّقي الملاحظات والنقد، خاصةً السلبية منها، ولكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يبحثون عن من يُقدم لهم نقد بنّاء، وهؤلاء الأشخاص يملكون عقلية تسعى للنمو، وهم يتميزون بأنهم يتقبّلون التغيير، ويسعون لتخطي الصعاب، ويبذلون أقصى مجهودهم للتعلُم من أخطائهم السابقة، والتعلُم من أخطاء الآخرين، وتحقيق نجاح أكبر. ونتيجة لذلك، هذا النوع من الأشخاص يحققون نمو أكبر ونجاحات أفضل من أولئك الذين يمتلكون عقلية غبر مرنة.
يمكنك تغيير طريقة تفكيرك وعقليتك خطوة بخطوة، والتعلُم من أخطائك، والبدء في اكتساب الثقة والخبرة من خلال كل خطوة تأخذها. فكر في الأمر كطريقة تعلُم، فلا أحد يعلم طريقة التصرف الصحيحة بشكل فوري، بل على الجميع المرور بمواقف صعبة أولاً لتحسين طريقة تفكيرهم وتصرفهم. وتذكر، كلما مررت بمواقف أكثر، كلما زاد مقدار المعرفة التي ستكتسبها. ومن خلال التعلم من أخطائك السابقة، ستُجيد التعامل مع المواقف المستقبلية.
0 تعليقات